[frame="8 10"][SIZE="5"][CENTER]ونحن في أيام هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف العبد المؤمن لينظر فضل الله وإنعام الله وإكرام الله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على من عاداه وتلك سنة لا تتخلف فيمن بعده من المؤمنين والمؤمنات إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
فنحن نأخذ من الهجرة عظة وعبرة وهي أن من توكل على الله كفاه ومن استعان بالله أعانه وقواه ومن انتصر بالله نصره على من عاداه ولو كانوا جميعاً وهو بمفرده ولو كان معهم كل أنواع المعدات والأسلحة وليس معه إلا الثقة بربه والاتكال على صنعه عز وجل وهو سبحانه وتعالي ولي المؤمنين ، فاسمعوا معي إلى قول الله معبراً عن هذه الحقيقة يقول سبحانه {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}التوبة40
أي إذا كنتم تركتموه وخذلتموه وتخليتم عنه لكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً فمن اعتز بالله لو تجمع له أو حوله كل أركان الوجود علواً وسفلاً فلن يستطيعوا أن يضروه بشئ لأن الله يحفظه وينصره ويعينه ويكفيه ، والنصر كما قال الله {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ} آل عمران126
فالنصر ليس بالقوة ولا بالسلاح ولا بالرجال وإنما بالله لأنه خير الناصرين
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بزمن قصير ذهب إلى بيت المقدس في بلاد الشام وصعد بعدما اجتمع بالأنبياء والمرسلين إلى السموات سماء تلو سماء ، وبين السماء والأرض كما قال صلى الله عليه وسلم مسيرة خمسمائة عام ، وعرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام
قطع كل هذه المسافات واخترق السموات السبع والعرش والكرسي ودخل الجنة وشاهد ما أعده الله فيها للمؤمنين، ورأى النار وما جهز الله فيها للكافرين والعصاة والمذنبين ، ثم أذن الله له فشاهد جماله السرمدي وسمع كلامه القدسي وجاء حوار طويل بينه وبين رب العالمين يقول فيه الله في كلامه الكريم {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{10} النجم
وبعد ذلك رجع وفراشه الذي كان ينام عليه لم يبرد بعد ما زال ساخناً ودافئاً كل هذه المسافات قطعها في أقل من لمح البصر فكان الوضع الطبيعي لنا جميعاً والذي يستدعي العجب منا أجمعين لماذا لم ينتقل صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في طرفة عين كما فعل في هذه الرحلة؟
لماذا لم يضع رجله من بيته في مكة إلى مستقره في المدينة ليرتاح من عناء السفر ومن مطاردة الكافرين ومن السير في وعثاء الحر بين الصخور والرمال والجبال؟ من أجل يكون لنا فيه الأسوة والقدوة صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
لأنه لو قطعها في خطوة واحدة لكان كل واحد فينا عندما تحصل له شدة أو مأزق أو أزمة يقول لست كرسول الله في طرفة عين كان هناك أصبح هنا ولكن جعله الله أسوة لنا أجمعين في الأخذ بالأسباب من أجل أن نعرف ونتأكد ونتيقن أن الذي يكون اعتماده على الله لابد أن يثق كل الثقة في تأييد الله وفي نصر الله مهما كان عدد أعدائه وعدتهم لأنه منتصر بالله
هذه هي الحكمة يا إخواني في سيره
[/SIZE]